في عام 1998 نُشر كتاب بعنوان “محطات طاقة الجيزة” للمهندس كريستوفر دن، لم يكن الكتاب أول من نقد فكرة الهرم المقبرة، لكن قوته كمنت في كونه أول كتاب يُقدم تصورا كاملا لوظيفة الهرم الأكبر، كألة حجرية عملاقة
كانت الفكرة خارجة عن المألوف، غير أنها انتشرت بين الملايين، لم يكن ذلك لغرابتها أو لكونها فكرة مُثيرة كما يظن البعض، بل كان السبب الرئيسي أنها وضعت إجابات مُقنعة على معظم أجزاء ومكونات الهرم الأكبر، بما في ذلك التفاصيل الصغيرة التي لا يُلتفت إليها والتي ثارت حولها أسئلة عديدة، مثل سبب وجود ثلاث غُرف في الهرم الأكبر وفائدة كل منها، ومثل الدافع خلف بناء غرفة الملك من الجرانيت الأحمر دونا عن باقي أجزاء الهرم، بما في ذلك غرفة الملكة، فسرت النظرية الوليدة تعدد مقاسات الممرات من الضيق الشديد الذي يقسم ظهر الزائرين إلى الارتفاع الشاهق في البهو العظيم، استطاعت تلك النظرية الإجابة على كل تلك الأسئلة، بينما عجزت نظرية الهرم المقبرة الإجابة عنه، أو كانت الإجابات لا تحمل الحد الأدنى من الإقناع.
مر الآن نحو رُبع قرن على صدور الكتاب، في تلك الفترة حدثت اكتشافات عديدة، إدخال روبوتات في فتحات الغُرف، مسح إشعاعي للأهرامات، تجارب صوتية جديدة في البهو العظيم، أسئلة جديدة أُخرى، استدعى ذلك العمل على كتاب جديد يغطي كل تلك النقاط.
لماذا اُختيرت هضبة الجيزة تحديدا للبناء ؟ لماذا تم بناء الهرم كالجبل الصناعي بنسب فراغات أقل من 5% من حجم الهرم رغم صعوبة ذلك؟ أسئلة سيقوم بالإجابة عنها الكتاب الجديد الذي يحمل عنوان ” الجيزة – اتصال تسلا” بتفاصيل مُدهشة، والذي سعدت بالمشاركة فيه بدعوة كريمة من مؤلف الكتاب المهندس كريس دن ، وذلك بكتابة مقدمة للكتاب تحت عنوان : “وجهة نظر لمهندس مصري”، ووضحت فيه كيف تغيرت الكثير من المفاهيم حول الحضارة المصرية مؤخرا، وخصوصا حول الأهرامات ووظيفتها، ولماذا تستبعد الفئات الفنية مثل المشتغلين بالهندسة والفيزياء والعلوم المختلفة في مصر فكرة الهرم المقبرة، وهل ذلك نابع من كون الهرم الآلة فكرة مثيرة جذابة فقط، أم أن هناك بالفعل أدلة على ذلك ؟
من ضمن من شارك في إعداد بعض مُحتوى هذا الكتاب، اثنان من العلماء، الألماني د.فريدمان فرويند، أستاذ علم المواد في ناسا وله نظرية ثورية في خواص الجرانيت، و الأمريكي د.بريت كون أستاذ الكيمياء، وإن دل ذلك، فهو يدل أن النظرية أصبحت مقنعة لعدد كبير ممن وصلوا إلى أعلى سلم التخصص الأكاديمي.
يتساءل البعض لماذا الهرم الأكبر تحديدا، الإجابة أنه أكثر الأهرامات خضوعا للدراسات والقياسات وأدى ذلك إلى تراكم المعلومات حوله، لكنه سيكون البداية. سؤال آخر وماذا عن متون الأهرام في فهم وظيفة الهرم ؟ رغم أهمية متون الأهرام إلا أنها قد ظهرت في 9 أهرامات فقط من بين حوالي 120 هرما في مصر، أي بنسبة أقل من 8%، هذا إذا اعتبرنا اننا فهمنا المتون فهما صحيحا، لكن في كل الأحوال لا يُمكن اسقاط 9 أهرامات على فهم جميع الأهرامات، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار أنها كُتبت بعد الأهرامات الأبرز في الجيزة ودهشور بفترة طويلة.
عام 2002 قامت قناة ناشيونال جيوجرافيك ببث تلفزيوني من الهرم الأكبر مع ثلاثة من أشهر الأسماء في الأهرامات وهم د.مارك لينر، ود. زاهي حواس، و د.راينر ستاديلمان.
سأل المحاور ستاديلمان حول وظيفة الممرات الموجودة في غرفة الملك ؟ فرد ستاديلمان إنها لصعود الملك إلى السماء.
فعاوده المحاور بسؤال جديد : إذا كان الملك سيصعد من غرفة الملك، فما فائدة الممرات الموجودة في غرفة الملكة رغم أنها لم تكن مُعدة لدفن أي شخص ؟ وهل تحتاج روح الملك إلى ممرات للصعود للسماء، أفلا يمكن للروح أن تخترق الجُدران فحسب ؟، ولماذا لم تتكرر الممرات الصاعدة للسماء في الهرم الثاني، ألا ترغب روح الملك خفرع في الالتحاق بالأفق هي الأخرى ؟ ومع احترامنا لأصحاب تلك الأراء إلا أنها مبنية على قدر كبير من التخمين، ويقدم على أنه “العلم الحقيقي”
يتعرض الكتاب كذلك في أحد فصوله للسرابيوم، مقدما إجابات لأسئلة مُعلقة لماذا كان الاهتمام بداخل توابيت السرابيوم أكثر من خارجه ؟ ولماذا كانت التوابيت على عمق 1.5 متر أسفل مستوى الأرض ؟ ويُقدم مقترحا لكيفية نحت التوابيت المُعجزة ووظيفتها، كما يتطرق لنقاط أخرى في أسباب الصدام بين الرواية الرسمية والرواية الجديدة.
الكتاب بذل فيه صاحبه مجهودا كبيرا للإجابة عن أسئلة ظلت مُعلقة لأمد طويل. أصبح الكتاب متاحا في فبراير 2024 على موقع امازون في أمريكا وأوروبا والقراءة الالكترونية على تطبيق كندل، كما سيكون متاحا في بعض المكتبات في مصر والدول الناطقة العربية، رابط الكتاب وبعض صفحات
رابط الكتاب : https://amzn.to/45KCs8I