تخطى إلى المحتوى

خارج الصندوق

في مارس 2013، وصلتني رسالة من الأستاذة دعاء القاضي رئيس قسم العلوم في “نارمر” كوليدج ودعوة للمشاركة في فعالية مثيرة للاهتمام .. كانت “نارمر” كوليدج قد قررت تنظيم تلك الفعالية لدفعة ما قبل التخرج، حيث يقومون بتكوين مجموعات لعمل مشروعات تحت عنوان “علوم مصر القديمة”، وتقرر عملها في إحدى قاعات المتحف المصري الكبير بجوار أهرامات الجيزة.

نحو 300 من المُبدعين، يعملون على 50 فكرة ومشروع مُستوحى من علوم حضارة مصر. لم تقتصر المشاريع على النظرة الكلاسيكية، بل تعدت إلى أفكار مُتجددة، طارحين أسئلة صعبة ومحاولين الإجابة عنها من خلال لقاءات مع خبراء وتجارب عملية، بعض تلك الأسئلة كانت:

لماذا تم اختيار الشكل الهرمي الرباعي بالذات، وهل للشكل الهرمي تأثير على البيئة المحيطة ؟

لماذا تم اختيار الجرانيت الاحمر في إنشاءات كثيرة في مصر القديمة ؟

كيف صعدت الأحجار الضخمة إلى أعلى الهرم في عملية متكررة؟ وهل هناك تشابه وظيفي بين الهرم وبرج تسلا ؟

ما الطرق التي يمكن استخدامها للمحافظة على أحجار الهرم من التعرية والتآكل المُستدام بسبب التلوث والمياه الجوفية ؟

كيف كان شكل السماء وقت بناء الأهرامات، وما علاقتها بالنجوم؟

وأسئلة ونقاط عديدة أُخرى عكفت الفرق للعمل عليها ..

من أجل الوصول لأفضل تطبيقات للفكرة، تلقت بعض تلك المشروعات دعما أكاديميا من مكاتب فنية مثل شركة حسن علام للإنشاءات، معمل الصوتيات في هندسة عين شمس، معمل تحليل الفطريات بالدقي، وجهات وأساتذة آخرين

وقد سعدت على مدار أسابيع بالمناقشات والتفاصيل المطروحة ويوم الحدث نفسه لم أتوقع هذه الكثافة في الأفكار والحماسة في الطرح. أفكار جديدة بدأت تأخذ مكانها على أرض الواقع، وتدعو الجميع إلى إعادة التفكير في المُسلمات.

لم يكن هذا المؤتمر مجرد فعالية ترفيهية عابرة، بل كانت تجربة ملهمة، سواء للمنظمين أو الحضور. كانت تجربة لخوض الجديد وكسر السائد. ربما كان ذلك الحدث هو الأول من نوعه. لكنه بالتأكيد لن يكون الأخير، ولم يكن ذلك ليحدث لولا وجود إدارة بعقلية عصرية، تحاول اكتشاف وتطبيق الجديد. شكرا استاذة دعاء القاضي على الحدث والتنظيم والدعوة الكريمة

لو قُلت من عامين أنه عما قريب ستتم مناقشة نظرية الهرم الآلة واهتزازات الهضبة وحزام أوريون في المتحف المصري لاُتهمت بالجنون. لكن كما قال أحدهم : نحن الكبار قد أصابنا الكسل، لكن ماذا عن الصغار الرائعين، إنني معهم أستطيع صُنع عالم جديد.